علي حسين أشكناني يكتب:” السويدية سورلينغ وموظفوها مطالبون باعتذار رسمي للرياضة القطرية”
انسحاب الرئيس من الاجتماع تكتيكي والادعاء الأمني يثير السخرية

في مشهد يكرر سيناريوهات “الهروب إلى الأمام” التي اعتادتها بعض القيادات الرياضية الفاشلة، عاد الاتحاد الدولي لكرة الطاولة برئاسة السويدية بيترا سورلينغ لتقدم عرضًا مأساويًا جديدًا، وتحويل فشلها الذريع في إدارة الجمعية العمومية إلى دراما أمنية مُختلَقة، ورشق “المضيف القطري” الذي قدم نموذجًا تنظيميًا لا تشوبه شائبة بشهادة 185 دولة حضرت اجتماعات الجمعية العمومية التي استمرت على مدى اكثر من 6 ساعات على فترتين صباحية ومسائية، باتهامات واهية تهدف فقط إلى تغطية عجزها عن تحمل مسؤولية الكارثة التي صنعتها بيديها، في نتائج الفرز خاصة الفرز الالكتروني المخالف لما تم الاتفاق عليه في بداية الاجتماع او ما يطلق عليه النداء الأخير والاعتماد النهائي للمشاركين في التصويت. والسؤال الذي يطرح نفسه هو أين كانت “التهديدات الأمنية” حين انسحبت سورلينغ صامتة؟ ولنبدأ بالحقائق التي تفضح الرواية الهزيلة لرئيسة الاتحاد الدولي.
“الانسحاب التكتيكي المبرمج”
كاميرات فندق شيراتون الدوحة حيث عُقدت الجمعية – تُظهر سورلينغ تخرج من القاعة بهدوء، تتجه إلى المصعد، وتصعد إلى غرفتها دون أي مؤشر على “الخوف” أو “التهديد”. لم تطلب تدخل الأمن، لم تتصل بالشرطة، لم تُبلغ الاتحاد القطري بأي خطر. بل الأكثر إثارة للسخرية، أنها ظلت في نفس المبنى طوال الليل! أي تهديد هذا الذي يسمح لكِ بالنوم في مكان “الخطر المزعوم”؟
“الصمت المفاجئ ”
في تصريحاتها اللاحقة، لم تُقدم سورلينغ أي تفاصيل دقيقة عن طبيعة “التهديد” الذي ادعته. لا تسجيلات صوتية، لا صور، لا شهود. فقط كلمات غامضة مثل “شعرت بعدم الارتياح” – وهي العبارة ذاتها التي تستخدمها القيادات الفاشلة حين تفشل في تفسير إخفاقاتها. وتناست انها في بلد كريم مضياف حقق نجاحات تغطي السماء في كافة المجالات ومنها استضافة كبرى البطولات العالمية.
“من تسبب بالفوضى”
لا نبالغ إذا قلنا ان الاتحاد الدولي هو من أشعل الفوضى. والقطريون كانوا ضحيتها!
اما الادعاء بأن “الدوحة لم توفر الأمان” فهو سقوط أخلاقي ومهني للأسباب التالية:
فالمسؤولية التنظيمية وفقًا للوائح الاتحاد الدولي، فإن تأمين القاعة الداخلية للجمعية العمومية، وإدارة التصاريح، وضبط النقاش، هي مهام منوطة (بموظفي الاتحاد الدولي أنفسهم)، وليس المضيف. والاتحاد القطري للعبة وفر القاعة والخدمات اللوجستية فقط، بينما الفوضى التي يدعي الاتحاد الدولي حدوثها نجمت عن:
* تجاهل مطالب الأعضاء بإعادة فرز الأصوات بعد اتهامات بالتلاعب في نتائج الاون لاين مع خرق في عدد المصوتين من 16 الى 21 صوتا ومعرفة متى وكيف تم اعتماد الأصوات الخمسة الإضافية!
* تعمد إقصاء ممثلي الدول من المناقشة والتعبير عن وجهة نظرهم فيما حدث بطريقة غير قانونية وكأنهم مسيرون لا قرار ولا رأي لهم في اتحاد دولي يجمعهم وفق قوانين واضحة.
“المعايير الانتقائية”
ولا نعلم كيف تُدان الإجراءات التنظيمية وقطر التي استضافت كأس العالم 2022 وبطولة العالم لكرة الطاولة 2025 قبل يوم من الجمعية العمومية دون أي شكاوى أمنية او تنظيمية، بينما تُغض الطرف عن فوضى الجمعيات العمومية السابقة للاتحاد الدولي في مدن مثل بودابست وطوكيو، حيث شهدت اشتباكات بالأيدي بين الأعضاء؟ والاجابة ببساطة: حين ينهار نظامك، ابحث عن كبش فداء؟
“الهروب من الفضائح”
ولا بد ان نطرح سؤالا واضحا ومباشرا وهو لماذا اختارت سورلينغ قطر هدفًا لاتهاماتها؟
وهنا تكشف الرواية عن دوافعها الحقيقية وهو الهروب من الفضائح الداخلية حيث ان الاتحاد الدولي لكرة الطاولة يعاني من أزمات مالية وإدارية منذ سنوات، واجتماع الدوحة كان منصة لكشف فشل القيادة في إصلاحها. وبدلًا من الاعتراف، تم اختلاق “تهديد أمني” لتحويل الانتباه عن الهدف الحقيقي للجمعية العمومية.
“رفض حركة الإصلاح”
ولا نبالغ إذا قلنا ان ما حدث هو الرغبة في الانتقام من الموقف القطري الداعم للإصلاح، ومعها الكثير من الدول العربية والافريقية التي قادت تحركًا لمحاسبة الاتحاد الدولي على مخالفات مالية. وما اتهام الدوحة بـ “انعدام الأمان” هو عقاب جماعي على موقفها الشجاع هي وكل من يطالب بالنزاهة والشفافية.
وهو نمط متكرر في اتهام الدول العربية بعدم الأمان كلما انتقدت الغرب الرياضي. نفس السيناريو تكرر مع السعودية أثناء اجتماعات الاتحاد الدولي للسباحة، ومع مصر في اتحاد الكرة الطائرة!
“تستحق قيادة أفضل”
ولا بد من التأكيد أخيرا على ان المشكلة ليست في قطر، التي قدمت ما يفوق التوقعات في تنظيم نسخة تاريخية لبطولة العالم، بل في قيادة الاتحاد الدولي التي حوّلت المؤسسة إلى ساحة لتصفية الحسابات.
والسويدية سورلينغ وفرق عملها المظلل مطالبين اليوم بـ:
– الاعتذار العلني للاتحاد القطري عن الاتهامات غير المسؤولة.
– الكشف العلني عن التسجيلات الكاملة للجمعية العمومية.
– الاستقالة إذا كانت تعجز عن تحمل مسؤولية إدارتها الكارثية.
أما الرياضيون حول العالم، عليهم ان يدركوا أن الدوحة لم تكن المشكلة، بل كانت الضحية في لعبة غير نزيهة من تحت ومن فوق الطاولة تهدف إلى إنقاذ وجوه من لم يعودوا جديرين بثقة الرياضة العالمية.