أحمد الخير يكتب:”سلمان الفرج .. لست الأخير”

شاهدت لقاء اللاعب سلمان الفرج قائد نادي الهلال سابقًا وقائد نادي نيوم حاليًا في برنامج نادينا. والحقيقة لم أتفاجأ بفحوى المقابلة، فهي نسخة متكررة للاعبين كبار تركوا بصمتهم في الساحة الرياضية عربيًا وآسيويًا.
سواء أحببت سلمان الفرج أو كرهته، فالجميع يعلم أنه أحد أبرز لاعبي وسط الميدان في المملكة، وهو قائد لا يُشق له غبار، حقق الكثير من البطولات مع نادي الهلال محليًا وقاريًا.
أزمة سلمان الفرج لا تخصه وحده، بل هي تُمثل كل لاعب عاش النجومية، وسط الملايين من الجماهير التي تهتف باسمه، تحبه وتمجده. يا له من شعور لا يضاهيه شعور! يقول غوستاف لوبون: “كل أفعال البشر هدفها الحصول على الحب”، وهذا الحب تجده بشكل عظيم في كرة القدم.
تكمن مصيبة اللعبة في نهايتها، للأفراد الذين قضوا حياتهم بشخصية واحدة؛ شخصية اللاعب النجم، أو الطبيب، أو الضابط. تظهر المشكلة بوضوح أكبر في مرحلة الاعتزال للاعب أو التقاعد للطبيب وغيره، فما أصعب العيش بلا أضواء! خاصة إذا ذقت حلاوتها.
يخرج اللاعب، ويتحدث للإعلام: “ظُلمت، هُضم حقي، لم أنل نصيبي من التقدير”، أسطوانة مشروخة رددها كل اللاعبين حين خفت نجمهم، ونسيهم الجمهور، وأصبحوا مجرد ذكرى جميلة. والسبب: الانغماس في اللحظة الراهنة، والاعتقاد بأن النجومية دائمة، وتجاهل أنها فترة مؤقتة، لا بد لها من نهاية. والسعيد من اغتنمها بالشكل الصحيح.
على الإنسان ألا يعيش بشخصية واحدة؛ فإن انتهت، مات وهو على قيد الحياة. يجب على لاعب كرة القدم أن يفكر مليًا في ما بعد الاعتزال، فمغادرة المنصة فن لا يتقنه الكثيرون، وقلق يساور الجميع، خاصة لاعبي الكرة.
ربما يكمن الحل في الشخصية التي يقال عنها في مصر: “سبع صنايع”، فصاحبها أكثر قدرة على العيش مهما تقلبت به الأحوال. أن تخلق لنفسك أدوارًا من العدم، وأن تنظر للحياة بشكل أوسع من نظرة لاعب نحو كرةٍ يدحرجها؛ فالحياة تتسع بقدر اتساع مداركك.
كم هائل من القصص للاعبين لم يتمكنوا من العيش بعيدًا عن الأضواء. منهم من دُمرت حياته بقرارات طائشة، يعود سببها الرئيسي إلى عدم تقبل الحياة الجديدة. ولعل أبرزهم أدريانو البرازيلي، الذي جسّد هذه المعاناة بقوله: “بعد أن انتهت حياتي كلاعب، لم أجد من أكون”.
أيضًا القصة التي حكاها الإعلامي أيمن جادة – مذيع قنوات بي إن سبورت سابقًا – عن أحد اللاعبين الذين لم يتمكنوا من مغادرة الملعب حتى بعد الاعتزال، فكان يذهب للنادي ليلًا، يشعل إنارة الملعب، يركض كالمجنون بمفرده، ثم يسجل هدفًا، ويذهب نحو المدرجات محتفلًا لوحده. مشهد مُفزع يمثل حافة الجنون.
عزيزي اللاعب: فكر جيدًا ماذا ستفعل بعد اعتزالك؟
هل ستتجه للتدريب، لإدارة مشروعك الخاص، لإكمال دراسات معينة، أو للظهور عبر التلفاز مرددًا “لم أنل نصيبي من الأشياء”؟
عزيزي اللاعب: لا تُكثر النواح على ما فات، واعمل على ما هو آتٍ، واغتنم هذه الفترة الذهبية من عمرك، فهي مؤقتة. وتأكد أن الحياة أكبر بكثير من كرة القدم.