مقالات رأي

حسن السلطان يكتب:”لماذا اختارت أرامكو القادسية وليس الاتفاق(٢-٢)؟”

 

 

إن اختيار نادي القادسية للاستحواذ لم يكن ناتجًا عن تفضيل شعبي أو عاطفي، بل هو نتيجة لمعادلة دقيقة أخذت بعين الاعتبار الوضع الإداري والمالي والفني للنادي، وموقعه الجغرافي، ومدى ملاءمته لمشروع استثماري تديره جهة كبرى مثل أرامكو.

 

النادي كان في دوري يلو، يعيش حالة من عدم الاستقرار، وتراجعت قاعدته الجماهيرية بعد أن تعرّض للهبوط الأول عام 1997 ثم تكرر ذلك خمس مرات، مما جعله بحاجة فعلية إلى تدخل إنقاذي يعيد تشكيله من جديد.

 

ولا يمكن إغفال أن مدينة الخبر، التي ينتمي إليها القادسية، تُعد من أبرز مدن المملكة حضاريًا وسياحيًا، وهي مقر رئيسي لعدد كبير من موظفي أرامكو من السعوديين والأجانب، لذلك ستكون إحدى محطات كأس العالم 2034، و هي خيارًا استراتيجيًا تعكس صورة المملكة الحديثة .

 

ومن اللافت أن أغلب الأندية التي تم الاستحواذ عليها في المرحلة الأولى من غير أندية الصندوق الأربعة، تمت تسميتها باسم الجهة أو المشروع المستحوذ، كالعلا والدرعية والصقور الذي تم تغيير اسمه إلى نيوم، بينما احتفظ القادسية باسمه، ما قد يفتح المجال لتحليل مفاده أن الخطة الأصلية كانت على الأرجح تتضمن تغيير اسم النادي إلى “أرامكو”، باعتباره تابعًا لها من حيث الموقع والاحتياج، إلا أن هذا التغيير واجه رفضًا جماهيريًا محتملًا من أبناء الخبر، وهو ما يُفهم ويُحترم، وربما كان السبب في عدم تطبيق هذه الفكرة فعليًا حتى الآن.

 

وهنا يأتي السؤال المنطقي: لو كانت أرامكو ستستحوذ على الاتفاق وتُغير اسمه إلى ما يمثلها، و هذا ضمن استراتيجية الاستحواذ الأساسية، فهل كان جمهور الاتفاق سيقبل بذلك؟ من المؤكد أن الإجابة هي لا، بل إن كثيرًا من الجماهير كانوا سيعتبرون ذلك نهاية الكيان، وليس تطورًا، ربما لهذا السبب، يبدو أن القادسية أو حتى النهضة كانا خيارًا منطقيًا من باب أن ظروفهما الإدارية والمالية أكثر مرونة، و ربما ليس لديهما ذات الحساسية الجماهيرية تجاه التغيير عطفًا على وضع النادي الذي سوف يجد في شركة النفط منقذ له.

 

و من وجهة نظري، أن السبب في عدم استحواذ أرامكو على الاتفاق إلى جانب القادسية، هو أن الجهات العليا لا ترغب في تكرار تجربة أن تستحوذ جهة واحدة على أكثر من نادٍ، لما في ذلك من تكلفة عالية وإرهاق إداري، خصوصًا في ظل عدم فهم الكثير من الجماهير والإعلام لأهمية المرحلة وعمقها، وتعاملهم معها وكأنها توزيع “كعكة”، الكل يريد أن يأخذ منها الجزء الأكبر قبل أن تنتهي.

 

الجدل الدائم حول حجم الدعم وتوزيعه، والتشكيك المستمر في العدالة طوال الموسم، هو أمر مرهق لأي جهة مستثمرة في أكثر من نادي، سواء من الناحية الإدارية أو المادية، وقد رأينا كيف أن أندية الصندوق رغم كل الدعم تعرضت لتغييرات مستمرة في الإدارات والمدربين واللاعبين، ما يؤكد أن الضغط الإعلامي لا يُستهان به حتى في ظل وجود رؤية وإستراتيجية واضحة.

 

لذلك، يمكن القول إن اختيار أرامكو للقادسية جاء نتيجة ظروف موضوعية وتوقيت مناسب، وليس تفضيلًا عشوائيًا، بينما الاتفاق، وبحكم تاريخه ومكانته، يحتاج إلى مشروع استثماري مختلف يحفظ له هويته، ويرتقي به دون المساس بجذوره.

 

ولو كان نادي الاتفاق هو النادي الوحيد الذي لم يتم استحواذه، لكان من المنطقي الاستفهام عن الأسباب، لكن وجود نادي الشباب و الفتح في نفس الوضع تمامًا يجعل الصورة أكثر وضوحًا، ويدل على أن هناك استراتيجية مختلفة تم إعدادها لهذه الأندية بالذات، ربما تُفاجئ الجميع لاحقًا بطريقة استثنائية، وقد تتحول إلى مشروع يُحسدون عليه من قِبل جماهير الأندية الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com